حمض الفوليك قبل الحمل: أهميته، فوائده، والجرعة المثلى
يعد حمض الفوليك، أو فيتامين B9، من الفيتامينات الضرورية التي تلعب دوراً حيوياً في الجسم، خاصة بالنسبة للنساء في فترة ما قبل الحمل. يُعتبر هذا الفيتامين أساسياً في العديد من الوظائف البيولوجية، خصوصاً في ما يتعلق بصحة الجنين وتطويره السليم في مراحل الحمل المبكرة. لذلك، تُوصي معظم الهيئات الصحية بتناول حمض الفوليك قبل الحمل وبعده كجزء من استراتيجية الوقاية من بعض التشوهات الخلقية التي قد تؤثر على الجنين، خصوصاً عيوب الأنبوب العصبي.
ما هو حمض الفوليك؟
حمض الفوليك هو الشكل الاصطناعي من فيتامين B9 الذي يوجد بشكل طبيعي في العديد من الأطعمة مثل الخضروات الورقية، الحبوب الكاملة، والمكسرات. ومع ذلك، قد لا تكون كمية الفولات (الفيتامين B9 الطبيعي) المتوفرة من الطعام كافية لبعض الأفراد، مما يجعل المكملات الغذائية حلاً فعالاً لتلبية الاحتياجات اليومية.
في حين أن حمض الفوليك يعتبر ضرورياً للجسم بشكل عام، فإنه يحظى بأهمية خاصة لدى النساء اللاتي يخططن للحمل أو اللاتي في بداية الحمل.
أهمية حمض الفوليك قبل الحمل
1. الوقاية من العيوب الخلقية للأنبوب العصبي
أثبتت العديد من الدراسات العلمية أن تناول حمض الفوليك قبل الحمل يقلل بشكل كبير من خطر العيوب الخلقية في الأنبوب العصبي، مثل السنسنة المشقوقة أو انعدام الدماغ. تحدث هذه العيوب عندما لا يغلق الأنبوب العصبي بشكل صحيح خلال الأسابيع الأولى من الحمل، وهي مرحلة قد لا تكون المرأة على دراية بها لأنها قد لا تكون قد اكتشفت حملها بعد.
من خلال تناول حمض الفوليك قبل الحمل، يمكن تقليل هذا الخطر بنسبة تصل إلى 70%. لذلك، من الأهمية بمكان أن تبدأ المرأة في تناول المكملات قبل عدة أشهر من محاولة الحمل.
2. دعم نمو الجنين بشكل صحي
يلعب حمض الفوليك دورًا محوريًا في تكوين الحمض النووي والأنسجة الجديدة، وهو أمر حاسم لتطور الجنين في مراحله المبكرة. كما أن هذا الفيتامين يساهم في تعزيز عملية تكاثر الخلايا، وهو أمر ضروري لتكوين خلايا الجنين بشكل سليم.
3. تعزيز صحة الأم
على الرغم من أن التركيز الرئيسي لحمض الفوليك يتعلق بصحة الجنين، فإن له أيضًا فوائد صحية كبيرة للأم. فقد أظهرت الدراسات أن حمض الفوليك يقلل من مخاطر الإصابة بفقر الدم (الأنيميا) التي قد تصيب النساء الحوامل بسبب نقص الحديد، كما يساهم في تقوية الجهاز المناعي ويحسن الصحة العامة.
4. تقليل خطر الإجهاض المبكر
أظهرت بعض الأبحاث أن تناول حمض الفوليك قبل الحمل يمكن أن يساهم في تقليل خطر الإجهاض المبكر. الفولات يعتبر ضروريًا لضمان صحة عملية انقسام الخلايا خلال الأيام الأولى من الحمل، والتي تشهد نموًا سريعًا للجنين.
الجرعة المثلى من حمض الفوليك
توصي منظمة الصحة العالمية والعديد من الهيئات الطبية بضرورة تناول النساء اللاتي يخططن للحمل حمض الفوليك بجرعة معينة لتقليل المخاطر الصحية. الجرعة الموصى بها عادة هي 400 ميكروغرام من حمض الفوليك يوميًا قبل الحمل وأثناء الأسابيع الأولى من الحمل. يمكن الحصول على هذه الكمية من المكملات الغذائية أو الأطعمة المدعمة بالفولات.
في بعض الحالات، قد تحتاج النساء إلى جرعات أعلى من 400 ميكروغرام من حمض الفوليك. على سبيل المثال، إذا كانت المرأة قد أنجبت طفلاً يعاني من عيوب في الأنبوب العصبي، فإن الأطباء قد يوصون بجرعة تصل إلى 4 ملليغرامات يومياً. كما أن النساء اللاتي يعانين من مشاكل صحية مثل السكري أو السمنة قد تكون بحاجة أيضًا إلى جرعة أعلى من الفولات.
متى يجب أن تبدأ المرأة بتناول حمض الفوليك؟
من المستحسن أن تبدأ المرأة بتناول حمض الفوليك قبل أشهر من محاولة الحمل. ذلك لأن حمض الفوليك يعمل بشكل أفضل إذا بدأ تناوله قبل الحمل بأسبوع أو حتى شهر. كما أن من المهم الاستمرار في تناول المكملات حتى الأسبوع 12 من الحمل، حيث يعتبر هذا هو الوقت الذي يتم فيه إغلاق الأنبوب العصبي وتبدأ معظم أجهزة الجسم الأخرى في التطور.
الأطعمة الغنية بحمض الفوليك
إضافة إلى المكملات الغذائية، يمكن الحصول على حمض الفوليك من خلال بعض الأطعمة الطبيعية. تشمل هذه الأطعمة:
-
الخضروات الورقية: مثل السبانخ، والكرنب، والبروكلي.
-
الفواكه: مثل البرتقال، والموز، والفراولة.
-
البقوليات: مثل العدس والفاصوليا.
-
المكسرات والبذور: مثل بذور عباد الشمس.
-
الحبوب المدعمة: مثل بعض أنواع الحبوب الإفطار التي تحتوي على حمض الفوليك.
تعد هذه الأطعمة إضافة ممتازة للمكملات الغذائية، ولكنها لا تغني عنها بشكل كامل خاصة في حال كان من الصعب الحصول على الكمية الموصى بها من الفولات من خلال الطعام فقط.
الآثار الجانبية لتناول حمض الفوليك
بشكل عام، يعتبر حمض الفوليك آمنًا، وحتى عند تناوله بجرعات عالية (بمقدار 1000 ميكروغرام يوميًا)، فإن الآثار الجانبية تكون نادرة جدًا. ومع ذلك، في بعض الحالات قد يعاني البعض من آثار جانبية خفيفة مثل:
-
الغثيان أو التقيؤ.
-
التورم.
-
صعوبة النوم.
لكن بشكل عام، إذا كانت المرأة تتبع الجرعة الموصى بها من حمض الفوليك، فإن هذه الأعراض تكون نادرة.
فوائد إضافية أخرى للحمض الفوليك
إلى جانب دوره المهم في الوقاية من العيوب الخلقية، هناك بعض الفوائد الأخرى التي يمكن أن يقدمها حمض الفوليك للنساء قبل الحمل:
-
تحسين الخصوبة: أظهرت بعض الدراسات أن الفولات قد يساعد في تحسين صحة الجهاز التناسلي، وبالتالي تعزيز الخصوبة لدى النساء.
-
التقليل من خطر الإصابة بالاكتئاب: يرتبط نقص حمض الفوليك ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، وقد يساعد تناول هذا الفيتامين في الوقاية منها.
-
تحسين صحة القلب: يساهم حمض الفوليك في تقليل مستويات الحمض الأميني هوموسيستين في الدم، الذي يمكن أن يساهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
الخلاصة
يعد حمض الفوليك عنصرًا غذائيًا أساسيًا يجب على النساء تناوله قبل الحمل لضمان صحة الجنين وتجنب العيوب الخلقية الخطيرة. من خلال تناول المكملات الغذائية بجرعة مناسبة واتباع نظام غذائي غني بالفولات، يمكن تقليل المخاطر بشكل كبير وتحقيق الحمل الصحي. على الرغم من أن الآثار الجانبية لحمض الفوليك نادرة، فإن استشارة الطبيب تظل خطوة أساسية لتحديد الجرعة الأنسب لكل حالة.
